«فايننشيال تايمز»: «دراكس» تتلاعب بالقوانين البيئية للحفاظ على واجهة زائفة من الاستدامة

«فايننشيال تايمز»: «دراكس» تتلاعب بالقوانين البيئية للحفاظ على واجهة زائفة من الاستدامة

برزت قضية شركة دراكس، أكبر مشغل لمحطات الطاقة الحيوية في المملكة المتحدة، كنموذج مثير للقلق حول التناقض بين الطموحات البيئية والممارسات الفعلية.

وأوضحت صحيفة "فايننشيال تايمز، في تقرير لها الخميس، أنه بناء على الرسائل الإلكترونية الداخلية للشركة والتي اطلعت عليها، أظهرت شركة دراكس علامات تدل على أنها استخدمت الخشب المستخرج من مناطق الغابات القديمة بشكل غير قانوني، ما يثير تساؤلات حول استدامتها الحقيقية.

ممارسات تُهدد البيئة

وتشير المراجعة الداخلية إلى أن دراكس أقرّت بأن الحبيبات المستخدمة في محطاتها "من المرجح للغاية" أن تأتي من مناطق تعتبر مهمة بيئيًا في كندا، ويُعتبر ذلك مثيرًا للقلق، حيث إنه بينما تتجه الشركات نحو استخدام الكتلة الحيوية كمصدر طاقة بديل يسهم في تقليل انبعاثات الكربون، تبرز المخاوف من أن هذه المواد قد تُستخرج من الغابات التي تحظى بحماية خاصة.

على سبيل المثال، تشير التقارير إلى أن بعض الحبيبات المستخدمة في الطاقة الحيوية تأتي من كولومبيا البريطانية، وهي منطقة غنية بالتنوع البيولوجي، حيث حذرت السلطات المحلية من أن قطع الأشجار هناك يُعتبر ممارسات تُهدد البيئة.

وأثبتت الأبحاث أن الغابات القديمة تُعد من أهم العوامل الطبيعية في امتصاص الكربون وتخزينه، حيث تلعب دورًا حيويًا في التخفيف من آثار أزمة المناخ.

وذكر التقرير أنه رغم إعلان دراكس أنها تنتقل من الاعتماد على الفحم إلى الطاقة الحيوية، حيث تسهم بنحو 5% من إجمالي كهرباء المملكة المتحدة من محطة الطاقة في يوركشاير، فإن الشركة تلقت دعمًا حكوميًا يصل إلى مليار جنيه إسترليني في العام الماضي، هذا الدعم يعكس اعتمادها الكبير على التمويل العام في سعيها للحفاظ على سمعتها كواحدة من الشركات الرائدة في الاستدامة.

وفي عام 2023، واجهت دراكس تحقيقًا طويل الأمد أجرته هيئة تنظيم الطاقة في المملكة المتحدة (Ofgem) بسبب فشلها في تقديم بيانات دقيقة وكافية حول الأخشاب المستوردة لاستخدامها في عمليات الحرق، تم تغريمها بمبلغ قدره 25 مليون جنيه إسترليني، حيث أظهرت التحقيقات أن الشركة لم تتمكن من إثبات ادعاءاتها بأن الأخشاب المستخدمة جاءت من غابات متجددة بشكل طبيعي.

ووفقا لـ"فايننشيال تايمز"، في رسائل البريد الإلكتروني، ناقش المسؤولون كيف يمكن تصنيف مصدر الخشب، حيث أشاروا إلى أنه من الممكن اعتبار الأخشاب المأخوذة من الغابات الأصلية كمواد معالجة دون الحاجة للإبلاغ عنها كغابات أولية، مما يعد انتهاكًا صارخًا للقوانين البيئية.

انتقادات المدافعين عن البيئة

أثار هذا الوضع انتقادات شديدة من قبل المدافعين عن البيئة، الذين يعتبرون أن حماية الغابات القديمة ليست مجرد خيار، بل ضرورة ملحة، مؤكدين أن الغابات تلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على التنوع البيولوجي وتخفيف آثار تغير المناخ، ووفقًا لبعض الدراسات، فإن 80% من التنوع البيولوجي الأرضي يعتمد على الغابات، مما يزيد من أهمية الحفاظ على هذه النظم البيئية.

ومن جانبها، أفادت شركة KPMG، التي قامت بمراجعة تقارير دراكس، بأنها لم تجد دليلًا على أي إبلاغ خاطئ، ومع ذلك، تشير تعليقات الخبراء إلى ضرورة إجراء تقييم أكثر دقة وشمولًا للممارسات الفعلية التي تتبعها دراكس.

وتتطلب الأبحاث المستمرة في هذا المجال نهجًا جديدًا في ما يتعلق بكيفية تقييم الاستدامة ومدى جدية التزامات الشركات تجاه البيئة، حيث إن الكشف عن هذه الممارسات يثير تساؤلات عميقة حول فاعلية القوانين البيئية الحالية في حماية الغابات القديمة، بالإضافة إلى ذلك، يُظهر أنه يجب على الحكومات والشركات العمل بشكل أكثر تنسيقًا لضمان عدم استغلال اللوائح البيئية كغطاء للأعمال غير المستدامة.

تحقيق أهداف المناخ

وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن وضع شركة دراكس يعتبر دعوة للتفكير الجاد في كيفية تحقيق الاستدامة الحقيقية، ومع استمرار الضغط من أجل تحقيق أهداف المناخ يجب على الشركات إعادة تقييم ممارساتها والتأكد من أنها تسهم فعلاً في حماية البيئة بدلاً من التلاعب بالقوانين لتحقيق مكاسب مالية قصيرة الأجل، حيث إن الاستدامة الحقيقية تتطلب الشفافية والالتزام، وليس مجرد واجهة زائفة تخفي تحتها ممارسات تضر بكوكبنا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية